"يسمح المجتمع لأجهزتنا بأن تتحول إلى أحبال مطاطية إلكترونية تجذبنا من المكان الذي نتواجد فيه، إلى مكان آخر. اعتقد أن ذلك ينم على عدم احترامنا للآخرين، يؤدي بنا إلي تقليل انتاجيتنا وسعادتنا" . ستيف باركز
القِ نظرة
يتفقد الجميع هواتفهم بين الحين والآخر سواء كان ذلك بعد تنبيه الإشعارات أو من دون إشعارات، وكأنهم في وضع استعداد وتأهب دائم لإستلام إشارة أو رسالة أو إشعار على أحد مواقع التواصل الإجتماعي التي يتصفحونها بين الحين والآخر، يُمررون أصابعهم على الشاشة الممتلئة بالأحداث العاجلة والتافهه في نفس الوقت. ينجذبون لمدة ساعة أو أكثر دون أن يشعروا ،وبمجرد أن يرفعوا رؤوسهم للنظر إلى الساعة يتفاجئون أن الوقت قد مر سريعاً، وأن عليهم أن ينجزوا مابين أيديهم سريعاً أيضاً ليستطيعوا انهائه وليكافئوا أنفسهم بالعودة مرة أخرى إلى ذلك العالم الذي يسحب أوقاتهم ليُعيدوا الحلقة المُفرغة من جديد، حلقة اللهث وراء عقرب الساعة وإنجاز المهام سريعاً دون جودة إنتاجيه.
جرعة من الدوبامين
"قد يبدو أننا نختار استخدام تلك التكنولوجيا ولكن في الواقع يتم اجتذابنا لها بواسطة المكافآت المُحتمله قصيرة الأمد. كل رنين يمكن أن يكون فرصة إجتماعيه للتعارف، أو للعمل، ونحصل على مكافأه صغيرة "جرعة من الدوبامين" نتيجه الإجابة على هذا الرنين" .
يرتفع أو ينخفض مستوى الدوبامين بناءاً علي وصول الإشعارات أو التنبيهات أو الردود على الرسائل والتعليقات، فمع كل تنبية يصل إلى آذان المرء، يشعر بالرضا بفضل ارتفاع مستوى الدوبامين، حيث يبعث الدوبامين برسائل إلي مراكز السعادة في العقل مما يجعل المرء يرغب في تكرار ذلك الشعور مرة أخرى، والذي مع التكرار قد يتحول الأمر إلى عملية إدمان بسبب شعور الرضا والسرور الذي ينبعث عند سماع الإشعارات والتنبيهات. يقول خبير العقل "جراي سمول" : "إذا لم تكن مُدمناً على الإنترنت، فمن المحتمل أنك تُكافح إغرائه".
وفي بعض الأحيان نُمد أيدينا لهاتفنا آملين أن يكون هناك شىء جيد ينتظرنا، في هذا الوقت تكون عقولنا تعلمت أن تربط بين الإثارة (بالضغط على الأزرار وتفقد الهاتف) والاستجابة والحصول على مكافأة (وجود رسائل أو تعليقات ) وبالتالي زيادة مستوى الدوبامين والشعور بالرضا. إننا روّضنا عقولنا على البحث الدائم عن المزيد من الدوبامين. والإنترنت يُقدم المُحفزات الشعورية والتكرارية والمُكثفه التفاعلية والتي تؤدي إلى تغيرات سريعة في الدوائر والوظائف العقلية، فعندما نتعلم مهارة جديدة تنشأ روابط بين الخلايا العصبية، يترتب عليها إنشاء مسارات جديدة داخل المخ، والتي قد تبدو في بداية تعلمها صعبة لنا في أثناء التعلم تتكوّن المسارات الجديدة وتقوى مع ممارستها التمرين عليها، وبالتالي يصبح التصرف بعد ذلك تلقائياً.
سرعة بلا جدوى
القيام بعدة أمور والتنقل بين المهام المختلفة في نفس الوقت و بسرعة شديدة حيث تنتقل بأقصى سرعتك من مُهمه إلى أخرى ثم ترتد مرة أخرى لتُنهي المُهمة الأولى التي تقوم بها، وذلك لكي تشعر بالسرعة الإنجاز. ولكن حقيقة الأمر أننا نخدع أنفسنا ونُعجز طاقتنا بأيدينا، ففي كل مرة ننتقل بين المهام المُتعددة في نفس الوقت تقل إنتاجياتنا يقل التركيز الموّزع على عدة مهام، وبالتالي نستهلك الكثير من طاقتنا و استهلاكنا في العمل على أشياء كثيرة لا تُثمر في النهاية سوى التشتت والفوضى، حيث أننا نُهدر الكثير من الوقت الجهد وتكون النتيجة النهائية .. بُطىء في العمل والإنهاك والشعور بالكسل والوخم والحاجة إلى الراحة لمدة طويلة وعدم القدرة على مواصلة العمل لعدم وجود أفكار جديدة أو لتكدس ذاكرتنا القصيرة المدى بالأفكار العشوائية والتي لا ترتبط أىّ منها بالعمل أو المُهمه التي نقوم به، مايؤثر أيضاً على ذكائنا وعمل عقولنا بدرجة أقل في كل مرة نقوم بها بعمل عدة مهام في وقت واحد. ليس هذا فحسب بل إن الأفكار العشوائية تظل تعمل في الدماغ ضائعة بلا روابط لها في الذاكرة تحفظها من الضياع، مايُمهد الطريق إلي النسيان.
تعليقات
إرسال تعليق