القائمة الرئيسية

الصفحات

مراجعة رواية أزهار عباد الشمس العمياء - ألبرتو مينديس

 


امتزج العنف بالألم، الغيظ بالضعف، لتكون النتيجة مع مرور الوقت، ديناً شعارة البقاء على قيد الحياة، مع شعائر انتظارات يترنم فيها بالترتيل نفسه من يقتل ومن يموت، الضحية وجلادها، فاللغة الوحيدة المستعملة هي لغة السيف وكلام الجرح"

لماذا وقع ما وقع؟ هل يمكن ألا يقع من جديد؟ وهل سيشعر القارئ بالهزيمة التي عاشها أبطال وأشخاص كل قصة؟


مصائر الأفراد

دائما ما نتطرق في كثير من الموضوعات عن تأثير الفرد على المجتمع، وكيف يمكن إصلاح أو تدمير المجتمع بسلوك الفرد وتصرفاته. ولكن في هذه الرواية الأمر مختلف تماما، فالقارئ يجد .. كيف للمجتمع أن يدمر الأفراد، يدمر شخص بسبب أفكاره وأشعاره أو كتاباته، بل يمكن ان يدمر أفراد ومجموعات ليس لها أىّ فكر أو انتماء، ويكمن كل الأمر أنهم أفراد مشكوك فيها، وجميعهم لسان حالهم :" لايريد أحدهم قتلي بسبب أفكاري، أفكاري التي إذا ما أردت أن أظل مُتشبثاً بها يتعين علىّ أن أتمني موت آخرين بسبب أفكارهم".


حين تشتعل الحرب وخاصة إذا كانت فاشية أو نازية فإنها لا تُبقي ولا تذر، تدمر الأخضر واليابس، وقتها قد يكون اختيار الأفراد للجحيم المجهول هو الاختيار الأوحد للنجاة من نار الحرب.

" لتُنبهنا إلى أن الجحيم قد يكون هو إمكانية أن نتذكر كل شيء، وأن الحب يظل في جميع السياقات، سند يمنحنا عنفواناً من الفجائع والخرائب"


رواية تتناول الحرب الأهلية الأسبانية ومرحلة الاستبداد الفرنكاوي 1939 وتأثيرها على مصير الأفراد. أربعة هزائم لأربعة أشخاص، أشخاص قد يكون فيهم كل شخص بأمه من المجتمع، حدث لهم ماحدث له في في تلك الفترة من حرب "فرانكو".

أربعة أشخاص يجمعهم "الاستسلام" للواقع الأليم، الضيق، اليأس، الظُلمة الحالكة التي قد يرمي الأشخاص أنفسهم في بئر المجهول للتخلص من هذا العذاب الذي يذبحهم كل يوم بسكين بارد.


شاعر يهرب مع زوجته الحامل، والتي تكاد أن تضع مولودها في شهرها الثامن، إلى ربوة أقرب للسماء عن الأرض، وسجين يجد أن من يحكم عليه هو خصمه في ذات الوقت، وكاتب ومترجم يختبىء داخل دولاب خوفاً من الخوف، حتى الجندي من أتباع "فرانكو" لم يسلم من رصاصاته… فجميعهم أموات يفرون من الموت في الحرب إلى الموت الأبدي، تماماً كما قال ذاك الجندي إلى خطيبته في رسالة كتبها لها: " على الرغم من كل الحروب يكون ثمنها الأموات، فإننا بتنا نصارع، وعلينا أن نختار بين أن ننتصر في حرب أو نغزو مقبرة"


الترجمة ..

كانت الترجمة ممتازة ورائعة، خاصة أن المترجم "عبد اللطيف البازي" من المغرب، وهناك جزء من أهل المغرب ينطقون الأسبانية، فكانت الترجمة ناعمة وسهلة.


ولكن…

كانت المشكلة التي واجهتني، وكانت عائق أمام اكتمال الرواية التي التهمت قصصها الثلاثة الأولى في يوم واحد، وتعثرت في القصة الرابعة، حيث كنت اقرأها بطبعة المجلس الوطني للثقافة والإبداع والفنون " ابداعات عالمية" وكان السرد في الفصل الأخير متداخل مع بعضه حيث وجود ثلاثة أشخاص يتحدثون في نفس ذات الوقت، واستشكل علىّ الأمر، إلى أن بحثت عن طبعة أخرى وكانت لـ " مسكيلياني" للنشر وكان الفصل الرابع أكثر وضوحاً، حيث تم التعديل باختلاف أنماط الخط ليوضح للقارئ أن هناك عدة أصوات تتحدث.



اقتباسات


الصمت فضاء، فجوة نلجأ إليها وإن كانت لا تضمن لنا الأمان. الصمت لا ينتهي، ينقطع، سمته الأساس هي الهشاشة.


فصل الشتاء هو علبة مغلفة تتدافع فيها عواصف الثلج، وهذه الجبال مازالت تبدو انها المكان الذي تقضي فيه فصول الشتاء فصل الشتاء. أصبح حزني جزئي أقوى جراء البرد. أشعر فقط بالخوف الذي طالما خشيته وأخاف من الخوف.



قد يكون من العدل أن أموت أنا؛ لأنني لست إلا شاعر ردىء غنى للحياة في المتاريس حيث كان يسكن الموت. وإذا ما بقيت حياً، فما الذي سأحكيه عن نفسي؟

هل أقول إن كافيديس بلده مُعلقة على جبل له رائحة الحر والحطب .. وأنني لا أعرف ماكنت أبحث عنه بمدريد في عز الحرب، منشد أشعار بين طلقات الرصاص. 

هذا هو الأمر يابُني .. كنت أريد أن أكون منشد أشعار بين الرصاص!


#أنصح_بقراءتها

#Mora_gmal

#أبريل_2025 


هل اعجبك الموضوع :
author-img
كاتبة ومدونة وباحثة في مجال القراءة والكُتب

تعليقات

محتويات المقال