القائمة الرئيسية

الصفحات




ولا يحتاج أيَّ شخص ليُدمر حب القراءة في طفل ما إلا بإعطاءه كُتباً ممله تُنفره عنه سواء في أسلوبها أو فكرتها لينشأ جيل يؤمن بأن القراءة نشاط مُمل وكريهه.
                                                                                                نيل جايمان

من أين بدأت الحكاية

يقوم كثير من الآباء  بإعطاء  أبناءهم إلى كُتب كبيرة، فوق مستوى عقله وعمره، مليئة بالمفردات التي لا يفهمها، والتي يضطر أن يلجأ فيها إلى الكبار ليسأل عنها، فيحدث انقطاع وتوقف  بسبب الكلمات الصعبة التي يُريد فك شفرتها، هذا الإنقطاع في النص أثناء القراءة يبنى في نفس الطفل مع الوقت عائقاً بينه وبين الكتاب الذي يقرأه، وذلك بالإضافة إلى خلو الكتاب من الصور والرسومات والألوان التي تجذب عين وعقل الطفل، وتنمي خياله، مايدفع الأبناء إلى النفور من الكتاب والقراءة.


جلسات إلزامية

ويلجأ الآباء لاستخدام القراءة والكُتب لتعليم أبنائهم القراءة والكتابة قبل دخول المدرسة، وبالتالي يَعُد هذا مدخلاُ سيئاً جداً ولا يؤتى ثماره أبداً. وحين يربط الطفل بين الكتاب المدرسي أو التعليمي والكتاب أو القصة بشكل عام ينفر منه بمجرد أن يراه، بل ويتعامل معه بشكل انتقامي وكأن بينه وبين الكتاب أو القصة ثأر لابد أن يناله، فيرميه أو يُقطع أوراقة أو يُهمله بوضع فوقه المشروبات أو المأكولات ، وكل ذلك يرجع لتنشئة الوالدين على الجلسات الإلزاميه مع الكتاب المدرسي أو التعليمي ليقرأ الحروف ويكتبها يُكوَّن منها الكلمات، فيقرأ ويكتب ليس لتغذية عقلة وتنمية خياله، إنما ليلتحق بالمدرسة. 

كما إن الطفل ينفر من الكتاب أو القصة التي تُقرأ له بسبب طول مدة الجلسة بل وتكرارها على مدار اليوم بشكل إجباري من جانب الوالدين، وقد يلجأ بعض الآباء إلى أن يجلس الطفل مع الكتاب أو القصة وحدهما بدون فك شفرات ورموز الكتاب الذي بين يديه، أو تجلس الأم مع طفلها وتفرض عليه كتاب مُعين، ولكن كل هذه الطرق تكون غير مُجديه بل وتبنى حاجزاً بين الطفل والكتاب، وكما يقول المثل:" يمكنك أن تأخذ الحصان إلى النهر، ولكن لا يمكن أبداً أن تُجبره ليشرب من الماء"


نوعاً من اللوم والتأنيب

تستخدم القصة أو الكتاب الذي يُقرأ للطفل كنوع من اللوم والتأنيب، وذلك حين تأخذ بعض الأمهات بعض الجمل والأقوال أو الأفعال بالقصة وتقول لطفلها " أترى كيف يُعاملون آباءهم " أترى كيف يتحدثون بأدب مع الكبار"، … وغيرها من الجمل التأنيبيه والتي تسلب الطفل ثقته بنفسه، لما في هذه الجمل من توجيه لوم غير مباشر وشعور بالذنب والإحساس بالمرارة، فيكره وينفر من الكتاب أو القصة التى تُقرأ له، ومن الجلسة معكِ ولا يُحب تكرارها أبداً حتى لا يشعر بإحساس المرارة مرة أخرى.

  


معانِ كثيرة

الشرح الزائد لمعاني مفردات القصة أثناء جلسة القراءة بين الآباء وأبنائهم يقتل سحر الخيال ومتعة صُنع شريط من الصور في ذهنه والانسجام بشكل كامل مع الكلمات واللحن الذي ينشأ من انصاته وتركيزه للقصة، فأحيانا تقطع الأم استكمال القصة وتتوقف لشرح الكلمات التي ترى أنها صعبة، فتقوم بتوضيح وتفصيل لمعانيها ومرادفاتها، ما يقطع عنده الاستمتاع وفهم القصة بشكل تام.


الأسئلة المُعلبة 

 بعد انتهاء من القصة يقوم المربى بتوجيه أسئلة على شكل اختبار أو أن يطلب من الطفل أن يقص القصة التى استمع  لها أو قرأها بحذافيرها، تلك الطريقة تجعل الطفل ألا يفكر في الاقتراب من الكتاب أو الأمساك بالقصة مرة ثانية، فقد تحولت عملية القراءة من شىء مسلي وممتع إلى اختبار وعقاب يُسأل عنه كلما أمسك بكتاب أو قصة.


قصص العقاب

قد يلجأ بعض الآباء بشكل غير مباشر  لقراءة بعض القصص التى يشعر الطفل حين يسمعها بالخوف  والاضطراب، كنوعاً من العقاب وتذكيره بأن ماحدث لبطل القصة من أحداث مخيفة مع بعض الحيوانات سيحدث له بسبب سلوكه السىء، وهذا الأمر يجعل الطفل مُضطرباً، قلقاً، ولا يشعر بالأمان وخاصة بأوقات النوم، بل ومع الوقت قد يحدث أن يكون عنيفاً عدوانياً مع إخوته وأقرانه في المدرسة بسبب اضطرابه النفسي. 

أو أن يمنع بعض الاباء أبناءهم من قراءة بعض القصص التى يطلقون عليها "كُتب سيئة أو تافهه" لأنها لا تحتوى على ما يفيدهم وينفعهم، ويقول نيل جايمان: " لا تمنعوا أولادكم وبناتكم من القراءة لأنكم تعتقدون أن ذلك الكتاب سيء، فقد يكون ذلك الكتاب مُفتاحاً لولوج عوالم أخرى قد تُفضلها".   


انتظرو الجزء الثانى من المقال ... قريباً


هل اعجبك الموضوع :
author-img
كاتبة ومدونة وباحثة في مجال القراءة والكُتب

تعليقات

محتويات المقال