الكُتب بمثابة أسماك القرش، حيث حافظت علي وجودها رغم أنها أقدم من الديناصورات، وذلك لكونها حافظت علي ذاتها وتعلم كيف تكون أسماك القرش أكثر من ذاتها " دوغلاس آدامز
الإنسان ينال المعرفة إما عن طريق التلقي بحضور المحاضرات و الندوات أو الكُتب، ولكن الكُتب هي المعلم الأول الذي يتعلم منها كيفيه تشييد إنسانيته. إنسانية ذات معرفه خلاقه لا تكرر نفسها، ولأن الإجتماع الإنساني ضروري كما يقول ابن خلدون في مقدمته ، فالله خلق الانسان وركبه علي صورة لا يصح حياتها ولا بقاءها إلا بالقوت والقِوّام ، ولذلك كان لابد من اجتماع القُدر الكثيرة من أبناء جنسه ليحصل علي القوت له ولهم ، فيحصل بالتعاون قدر الكفاية من الحاجة لأكثر منهم بأضعاف، وكذلك يحتاج كل واحد منهم إلي غيرة، والاستعانه بأبناء جنسه للدفاع عن نفسه وتحقيق قوام حياته، و قد كرم الله الإنسان علي سائر المخلوقات أن منحه قوة الفكر و اليد ليُذلل بهما الأشياء ، فاليد مُهيئه للصنائع بخدمة الفكر، وجعلنا في حاجة أيضاً للمعرفة لتستقيم قِوام الحياة، فلابد من معرفة أخبار من قبلنا لإستكمال مسيرة الإنسانية ولتحقيق الارتقاء بها.
أوعية المعرفة
وتُحفظ أخبار الأولين والسابقين من الأمم في أوعيه تنتقل من الماضي إلي الحاضر لتأخذ بأيدينا إلي المستقبل ، تلك الأوعية هي الكُتب التي هي ضروريه في حياتنا كضرورة الدراسات والمراجع السابقه للباحثين وإلا بدأ الكل من الصفر ولا تتقدم المسيرة البشرية ابداً، ولولا الكُتب لغلب سلطان النسيان سلطان الذكر .
عطاء بلا حدود
والكُتب هي المعلم الذي يُعطي بلا مُقابل، يُعطي عطاءاً سخياً كريماً يمنح لعقلك ليس فكرة أو اثنين إنما تُضيء برأسك أفكار لا حصر لها، أفكار تقودك إلي كُتب أخري، وتُسافر بك إلي كلمات ومعاني عميقه ، وتُمد عقلك بالكهربية الحيوية ، وكأن عقلك حين تسقيه بالكلمات يُزهر لمبات صغيرة تُضيء ظلامه، ولذلك يقول الجاحظ : " لا أعلم رفيقاً أطوع ولا مُعلماً أخضع ولا صاحباً أظهر كفاية ولا أقل جنايه ولا أكثر أعجوبة وتصرفاً ولا أقل تصلُفاً وتكلفاً من كتاب "
وكل ما يتحقق لشخصية الإنسان من جوانب فكرية وعقلية من صُنع الكِتاب وأثرة وصبغته علي القارئ، ولا يمكن أن يكون المرء صاحب فكر أو فقه إلا بالكتب، كما قال الجاحظ " وقد تجد الرجل يطلب الآثار وتأويل القرآن ، يجالس الفُقهاء خمسين عاماً وهو لا يعد فقيهاً ولا يجعل قاضياً فما هو إلا أن ينظر في كُتب أبي حنيفه وأشباه أبي حنيفة ويحفظ كُتب الشروط في مقدار سنه أو سنتين حتي تمر ببابه فتظن أنه من بعض العمال ..وبالحري أن لا تمر عليه أيام حتي يصير حاكماً علي بلد من البلدان"
فالكتاب هو ميراث إنساني عالمي، ووعاء التواصل الفكري لحفظ الأفكار والمعرفة والثقافه والحضارة علي مر الزمان.
تعليقات
إرسال تعليق