القائمة الرئيسية

الصفحات

الملل وشتات الأفكار


حين نعتاد على ممارسة الأعمال والعادات التي نقوم  بها يومياً تُصبح نوعاً من الروتين والذي يُصيبنا بطبيعة الحال بشئ من الملل ونُصبح أمام مُفترق طرق إما أن نتوقف عما نفعله أو نستمر رغم وجود الملل.

سمكة القرش

من المتعارف عليه أن الشعب الياباني يهوى أكل السمك طازجاً، إلا إن المشكلة التي تواجه الصيادين أن السفن الكبيرة تكون بعرض البحر لتحصل على الأسماك ولكي تصل إلى الشاطئ تحتاج إلى ثلاثة أيام.

فكروا بوضع السمك بثلاجات لتصل إلى الجمهور بحالة جيدة ولكن رغم ذلك قلّة الطلب على شراءه فقد ميزوا طعمه وأنه ليس طازجاً، وباءت الفكرة بالفشل.

وفكروا ثانية بوضع السمك بأحواض كبيرة من المياه يبقي حياً حتى الوصول إلى الشاطئ ولكن السمك لا يبقى حياً لفترة طويلة، وسرعان ما يتوقف عن الحركة، وبالتالي لن يصل إلى المستهلك طازجاً.

إلى أن فكروا بوضع سمكة قرش صغيرة في كل حوض وبالتالي فإن السمك في الحوض لن يستطيع التوقف عن الحركة للحظة واحدة، والتي تتوقف ستكون طعاماً للقرش وبالتالي يصل السمك إلى المستهلك الياباني طازج.

وهكذا هي حياتنا تحتاج دائماً إلى تحديات ومحفزات (سمكة قرش صغيرة) من فترة إلى أخرى لنشعر بأن كل يوم جديد، وأن علينا الإنجاز والتحرك وإلا سنكون طعاماً للملل والكسل والخمول. 


التهديد الذي يواجهنا 

نبدأ بنشاط وحماس كبير مع كل عمل أو مهارة جديدة نريد اكتسابها رغم الصعوبه بعض الشئ التي تواجهنا، ومع المداومه عليها والإنجاز فيها نكون قد عملنا على بناء وتشكيل مااستصعب علينا القيام  به وصار جزءاً من حياتنا، ومع مرور الوقت يتسلل إلى حياتنا وكنوع من المقاومة نتوقف عما أنجزناه ونهمل تجديده وتطويره وتجرفنا دوامة الملل، فنستمر في أعمالنا اليومية ولكن بدون إضافة جديدة.

إن التهديد الأكبر للنجاح ليس الفشل، إنما الملل. الملل الذي إما يلتهمنا أو يلتهم أعمالنا فيجعلنا نشعر بالتعاسة، والعمل على تحقيق الأهداف يعتمد بشكل كبير على الشغف والحماس، هذا بالإضافة إلى الإرادة ولكن الشغف هو وقود النفس لمواجهة كل الصعوبات والعقبات لتحقيق ما يسعى إليه المرء. وحينما يتسلل الملل نُصاب بالإحباط و نفقد التركيز وتخفت شعلة الشغف والحماس بداخلنا، وبالتالي يُصبح من السهل اختلاق الأعذار والتوقف عما انجزناه على زعم أن الأمور تسير على مايرام. والإنجاز يحتاج إلى أن نحافظ على الدافعية والتحفيز الداخلي الذي لدينا ( سمكة القرش التي تجعل السمك تتحرك). 


كيف نحافظ على ما يُحفزنا 

إن الدماغ البشري يُحب التحديات حتى ولو كانت بسيطة والتي تدفعك إلى حدود قدراتك بينما تحقق في الوقت ذاته تقدماً يجعلك مُحافظاً على تحفيزك، يقول ويلاند : " هناك نوعان من الناس نوع المرساة ونوع المُحرك، إنك بحاجة إلى الابتعاد عن المرساة والإرتباط بالمحرك، لأن الأشخاص من نوع المُحرك يتحركون صوب أهدافهم، ويستمتعون بالمزيد من التقدم والنجاح، أما الأشخاص من نوع المرساة فيركنون إلى القاع"، ولذلك فهناك فرق بين رجل تعثر فسقط إلى القاع وحاول وثابر ليخرج منه وآخر سقط فظل قابعاً فيه.

وما يصنع الفارق بين الأشخاص المتميزين والعاديين هو التغلب على الضيق والألم الذي يُحدثه الملل. فالأشخاص العاديون يسمحون لتقلبات الحياة أن تمنعهم من الاستمرار في مواصلة أعمالهم فينجرفون بعيداً عن المسار الذي كانوا يسيرون فيه، أما المتميزون يتمسكون بروتينهم اليومي ويُضيفون إليه تحدياً جديداً وبسيطاً ويعملون على تحقيقه بكل جدية وعلى مدار الوقت يصنع هذا التغير الطفيف إنجازاً كبيراً وعظيماً يدفعهم إلى استعادة نشاطهم وحماسهم بشكل كامل . إن نجاح المرء ليس في الوصول إلى قمة جبل، إنما في مواصلة الطريق فهناك المزيد من القمم الأخرى في انتظارة ليكتشفها.


هل اعجبك الموضوع :
author-img
كاتبة ومدونة وباحثة في مجال القراءة والكُتب

تعليقات

محتويات المقال