القائمة الرئيسية

الصفحات

 

الهشاشة النفسية

"الجميع يتسابق من أجل كلمة واحدة بمستويات مختلفة من التأثير، ولا تكفيه كلمات وكلمات أبداً، والكل يهرب من أىَّ كلمة سلبية واحدة يسمعها الشخص قد تنهي مسيرته وتحطم نفسيته فتتحول إلى ركام مُتناثر لا يمكن جمع شتاته مرة أخرى أبداً".

الرقائق

جيل "رقائق الثلج" الذي نشأ وترعرع مُعتمداً على شخصين هما "الوالدين" يقوما بكافه أعباء ومتطلبات المنزل من مآكل ومشرب وإنفاق ومسئولية ورعاية .. ومهمة الأبناء الوحيدة فى الحياة هي حفظ وتسميع المناهج الدراسية والكُتب المدرسية والمذكرات و الحشو النظرى دون تحمل أيّ مسؤولية ولا مشاركة مع أهله، وأيضاً دون التعرض لأيَّ خبرة أو تجربة عملية يكتسب منها مهارة تُميزة عن الآخرين.  

يتم إشباع رغبات الطفل بشكل فورى مادام أنه يحصل على درجات نهائية في كلّ أو معظم المواد الدراسية، و إلا يصرخ ويبكى ويدمر مافي الأرض وماعليها إذا لم يمتلك الشىء "اللعبة" الذي أراد امتلاكه، فينشأ ويشب على "حب إمتلاك" الأشياء فقط. 

رجل المطافىء

أما عمن علمه أن يبكى ويصرخ إن لم تُلبى طلباته؟ فهذا يعتمد على أسلوب تربية الوالدين حيث إعتماد أسلوب "رجل المطافئ" ، الذي عليه فقط إخماد الحرائق التى يقوم بها أبناءه من مشاكل أو طلبات أو مُتطلبات، ويكبر الولد أو البنت في سنوات عمرة ولكنه مازال طفلاً أو مُراهقاً في تفكيرة وتصرفاته، ومن هنا يتكون ثقباً في داخله يتسع ويكبر مع الفرد الذى يشب و هو فارغاً، خاوياً من الداخل، يُشعره بنوع من الاغتراب وفقدان الهوية، وعدم نضج الشخصية، فهو بحاجة لإرواء الفراغ العاطفى الذي يسقيه فقط من الأفلام والمسلسلات الرومانسية واحتياج  الشاب والفتاة إلى تمثيل مسلسل "نور ومهند" فى حياتهما الواقعية.

الهوة والوحدة

ومع دخول فترة المُراهقة التي تستمرأبداً، فلابد من وجود مساحة لإشباع هذا الخواء، وقد خلقت وسائل التواصل الإجتماعي تلك المساحة ليُفرغ فيها كل فرد ما يشعر به فى هذه اللحظة. بعد كتابة اليوميات على جدار الشبكات الإجتماعية يبدأ الأشخاص بدعمه بالإعجابات والتعليقات وبالتالى تزداد قوة صورة الفرد لذاته أو تقل بعدد الأشخاص الذين تفاعلوا مع الكلمات المكتوبة، تتحول الفجوة العاطفية إلى هوة عميقة وخاصة مع شعوره بالوحدة والإصابة بالحزن أو الإكتئاب الذى ينشأ نتيجة مقارنة نفسه مع نشر الآخرين صورهم ومنشوراتهم ولحظاتهم السعيدة فيجد نفسه وحيداً تعيساً.

المريض النفسي

ويطفو على السطح بشكل مفاجىء مصطلح "مريض نفسى" ويظهر دور الطبيب أو الأخصائى النفسى الذي يتفاجىء أن المشكلة التي يُعانى منها مريضه النفسي أن شخصاً ما حذفة أو قام بعمل Block له أو إنه فاشل لأنه أبداً لم يحصل على الدرجات النهائية فى كل المواد الدراسية أو ما شابها من المشكلات التافهة والتي تعد بمثابة عائق أمام حياة هؤلاء الشباب. 

أما عن مصطلح "مريض نفسي" فإنه يندمج فى الأوساط الإجتماعية ويتشبعها الآباء إلى درجة أن يدفعوا بأبنائهم إلى استخدام هذا المصطلح كلما شعر بضيق أو إنزعاج من شىء ولو صغير فى حياته، ومع اندماجه يبدأ المجتمع في استخدامه كمبرر للأحداث التي يريد أن يُمررها دون التوقف عندها، وتتردد على مسامعنا هذه العبارة أو مايُشابهها في المعنى " لا تلُم المجرم، إنما لُم مرضه النفسي" ليصل إلى مرحلة الخواء الفكرى أو بداية الدائرة من جديد " رقائق الثلج".


#أنصح_بقراءته


مورا جمال

ديسمبر 2020



هل اعجبك الموضوع :
author-img
كاتبة ومدونة وباحثة في مجال القراءة والكُتب

تعليقات

محتويات المقال