"ليست الكلمات هي المُهمة، بل المواقف، وليست واقعية ألمنا وقوته بل موهبتنا بالإنسجام مع المحيط".
أأنت كمال؟
أورهان باموق..هل أنت كمال بطل روايتك "متحف البراءة"؟ هذا السؤال الذي لايزال يُسأل عنه "باموق" لسنوات بعد إصدار الرواية.
وكأن مغزى السؤال وجوهره :"أأنت كمال ذلك المجرم العاشق اللاهث وراء عشقه دون الإلتفات لمن حوله؟، والذي أدى إلى أن يُجيب عنه الكاتب في نهايه المطاف بـ " نعم". ولكن "باموق" لم يُجب بـ "نعم" عن حياة رجل ثري عاشق فتاة من عائلته الكبيرة والتي ينتمي أبويها للطبقة الفقيرة أو المتوسطة التي تسد قوت يومها إنما عن انفصامية المجتمع.
الشيزوفرينيا المجتمعية
قد يظن البعض أن الرواية رومانسيه قصة حياة "كمال وفسون"، والتي خلدها بإنشاء متحف يضم مجموعة أشياء كانت تملكها حبيبته، بالإضافة إلى كتابه رواية تخلد ذكراهم بين الناس، إنما هي حالة الشيزوفرينيا التي يُعاني منها المجتمع خلال حُقبة السبعينات فى القرن العشرين، حيث تبدأ أحداث الرواية عام 1975م .
تُعرف الشيزوفرينيا على أنها :" اضطراب نفسي يتسم بسلوك اجتماعي غير طبيعي وفشل في تمييز الواقع". والشيزوفرينيا كما أنها مرض نفسي يًُصيب الفرد بإزدواجية الشخصية فإنه يُصيب المجتمع.
في البداية يًصاب الفرد بالإنفصاميه، ينفصم الفرد إلى شخص يهوى شيئاً، هذا الشىء يأخذ بلب فؤادة ويُشغله ليلاً نهاراً، ولكنه في نفس الوقت يعمل بشىء آخر لا يهواه، ويثقل كاهله، فقط يقوم به ليُرضي مُحيطه، ومن هنا تتشكل انفصامية المجتمع الذي لديه عادات وتقاليد وهوية ولكن ضعفها واندثارها أمام الحداثة العربية جعلته يرتدي قناعاً لايُعبر عنه ولكنه يتباهى به ويفتخر أنه مُلتحق بذيله ليُثبت أنه عصرياً حديثاً يواكب التطورات العصرية.
إنها الشيزوفرينيا المجتمعية التي فيه يكون أفراد المجتمع بين البين بين، بين التمسك بالهوية التي ينتمي لها والالتحاق بالمعاصرة، وابداً لا يمكن للفرد أن يُرضى نفسه، ويُرضى الناس في نفس الوقت، وأنه لابد أن يغلب أحدهما على الآخر.
حالة عشق
"ماهو العشق؟
هو ما يُطلق على شعور كمال بالتعلق بفسون أثناء نظرة إليها وهي تتنزه على الطرق البرية والأرصفة والبيوت والحدائق والغرف، ومقاهي الحدائق والمطاعم، وتجلس على مائدة العشاء".
إنها رواية عن حالة عشق الأشياء التي تجعلنا نشعر بأن حياتنا ذات معنى بأننا موجودين، على قيد الحياة.
الرواية من ترجمة "عبد القادر عبد اللي" والذى أبدع في ترجمتها، فحين يُنهي القارىء آخر كلمة من صفحات الرواية التي يفوق عن الستمائه يشعر وكأنه قرأها بلغتها الأصلية "التركية".
اقتباسات
كأن الحياة ابتعدت عني، وفقدت قوتها التي شعرت بها، ولونها الذي رأيته إلى ذلك اليوم، وفقدت الأشياء قوتها وحقيقته التي شعرت بها فى زمن ما.
إذا كُنا عاشقين يائسين تغدو الألآم والهموم والمخاوف كلها من فقدان الأب إلى أبسط الأمور العادية مثل فقدان مفاتيحنا، عُرضه لاضطرابنا الأساسى المستعد للبروز في كل لحظة.
الساعات والتقويمات لم تُصنع من أجل تذكيرنا بالزمن الذي نسيناه، بل من أجل تنظيم علاقتنا مع الآخرين.
تعليقات
إرسال تعليق