إن التشاغل بالدفاتر والمحابر والكتابة والدراسة أصل التعبد والتزهد والرئاسة والسياسة ابن شاقلاء
في حياتنا نحتاج إلى تجارب السابقين ونُصح الناصحين لننتزود بها في سبل الحياة ، نحتاج إلي نموذج ناجح وثبت فعاليته لنقتدي به ونستلهم منه كيف نجح وعبر إلي الفلاح في الدنيا والآخرة ، ولذلك فالقراءة هي زادنا من عقول وتجارب الآخرين لنتزود بها في حياتنا وتتفتح لنا الآفاق الواسعة واللامحدودة لنتذكر بعض الثمرات التي نجنيها من القراءة :
تهذيب النفس
كل شيء في هذا الكون متحرك ولا شىء ساكن، ومملوء وليس فارغ فحتي اللمبة المحترقة إذا ثُقبت يملؤها الهواء، والنفس كذلك إذا لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، فترك النفوس عبثاً يجعل النباتات الضارة وأعشاش الأفاعي والعقارب تنمو بها ، فيملأها بالقلق الظن السىء والشكوك والأفكار الفاسدة والدوافع الهدامة ، والقراءة تُهذب النفوس بما يكتسبه القارىء من بساتين الكلام الذي يستنشقها من الكتب ومُخالطه لعقول الكُتاب من شتى بقاع الدنيا فيتفتح في العقل آفاق لا حدود لها ، ويروي معاوية بن أبي سُفيان أنه لما رأى بوادر الهزيمة يوم صفين عزم علي الفرار فما ردّة سوى تذكُرّة ببعض أبيات شعرية وطالعها :
أبت لي همتي وأبي بلائي ... وأخذ الحمد بالثمن الربيح
خير جليس
وإن كانت القراءة لا تخلق من أبطالاً إلا إنها تُأثر فينا تأثيراً حسناً ويقول النبي (ص) :" إنما مثل الجليس الصالح الجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يُحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة"، والكتاب خير جليس للإنسان ، سخي كريم يُعطيك ما يضمه بين دفتيه فيمنح عقلك قوة التفكير، ويُكسب فكرك سلامة الفهم والتمحيص، فهو يُعطي ولا يأخذ ويُفيد ولا يستفيد، لا يُفشي لك سراً ولا يُبدي نميمة ولهذا يقول الشاعر:
نعم الجليس إذا خلت كتاب ... تلهو به إن خانك الأحباب
لا مُفشياً سراً إذا استودعته ... وتنال منه حكمة وصواب
النصيحة
تقول الحكمة " ليست المُشكل في النصيحة إنما في قبولها " فالقارىء الواعي يسمع النصيحة ويأخذ بها فإن كانت خيراً له أنتفع بنصيحة الآخر وشكرة وإن كانت شراً له أنتفع بها أيضاً، فهي تُعلمه أن يتسع صدرة بشكل أرحب لتقبل الرأى الآخر وتبادله ، وعلي كلا الوجهين يستفيد، وفي حديث جرير بن عبد الله البجلي قال: "بايعت رسول الله (ص) على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم "
الجزء الأول للمقال
تعليقات
إرسال تعليق