القائمة الرئيسية

الصفحات

الكتاب المُناسب

 


" بعض الكُتب يُمكن تذوقها، وأخرى يتم ابتلاعها، والقليل منها يتم مضغه وهضمه"   فرانسيس باكون

                                 

  الغلاف الخارجي

 يقع كثير من القُراء فريسة للعنوان.. الغلاف الخارجي أو حتى ترشيحات الأصدقاء في اختيار الكتاب، والذي قد يدفعهم لترك الكتاب وعدم إستكماله أو النفور من القراءة بشكل عام أو تحولهم لجامعي كُتب يُجملون بها رُكن خاص في بيوتهم .

قل لي ماذا تقرأ؟ أقُل لك من أنت ؟

    الأصل في الطعام والشراب نمو الجسم وقِوامه ويعتمد في ذلك علي نوعية تلك الأطعمة والأشربه التي تبني الجسم، وإلا كانت سبباً في هلاك النفس وإعتلال الجسم إذا أكلنا كلّ ما اشتهينا، والكُتب مثل الأطعمة، فكما أن الكُتب هي أجلَّ غذاء للعقل إلا إن منها النافع والضار ، والفكر يتأثر بصحتها أو فسادها.

   والكُتب منها النافع المُفيد الذي يُقوّم الفكر ويُضيء مصابيح العقل وتُناسب معظم الأذواق، ومنها النافع الدسم لا يأكله إلا نوع مُعين من القُراء في وقت معين لقراءة هذا النوع من الكُتب الدسمه، فهو رغم دسامته إلا إن النفس لا تشتهيه كثيراً، ومنها السُم القاتل ذو بريق لامع، مُشهِّ لذيذ ولكنه لا ينفع ولا يُفيد.

الكتاب كالقميص

  وقراءة كتاب غير مُناسب لك قد لا ينفعك بشىء، فالكتاب كالقميص كثيراً ما تكون جودته من مناسبةُ لمن يلبسه، وليس جودته من قماشه أو لونه، وبالتالي حين تُغذي العقل بما يُقرأ للأطفال- أى أقل من مستوى عقلك- فإن هذه القراءة تَحِدّ من نشاطه الفكرى تدعوه للخمول، ويقول بن حزم* : "من شغل نفسه بأدنى العلوم وترك أعلاها- وهو قادر عليها- كان كزارع الذرة في الأرض التي يجود فيها البُرَّ(القمح)، وكغارس الشَّعراء**(شجرة من الحمض) حيث يزكو النخل والزيتون"، وحين تُغذيه بما هو أعلى من مستواه، فتقرأ كتاب زاخر بالكلمات والمعاني العميقه، فتُعجزك كلماته عن مواصلة قراءته، بل قد يتحول الكتاب إلى شفرة تحتاج لمن يفك رموزها، غير أن هذا الشكل من القراءة سيَصُدّ القارىء من القراءة والنفور من الكُتب بشكل عام، "والعلوم الغامضة كالدواء القويَّ يُصلح الأجساد القوية يُهلك الأجساد الضعيفة، وكذلك العلوم الغامضه تزيد العقل جودة تُصفّيه من كُل آفة وتُهلك ذا العقل الضعيف".

    والكتاب المناسب هو الذي يُلائم اهتماماتك ويسد إحتياجاتك من المعرفة ويُشبع الفضول الذي يأكلك من الداخل، الكتاب المناسب هو الذي قبل أن تختاره تطرح على نفسك هذا السؤال : " هل هذا الكتاب مُناسب لي ؟".

__________________________________________

*الأخلاق والسير في مداوة النفوس - ابن حزم الأندلسي. 

**الشَّعراء: (بتشديد الشين وسكون العين ) شجرة من الحمض ليس لها ورق، وتخرج عيداناً شداداً، تحرص عليها الإبل.


يُمكن الرجوع أيضاً إلي :
الكتاب الجيد

هل اعجبك الموضوع :
author-img
كاتبة ومدونة وباحثة في مجال القراءة والكُتب

تعليقات

محتويات المقال