أن تظل مجذوباً

 " أنني يابُنيَّ دائم السفر والتجوال لألقي الفلاسفة والأدباء والمفكرين ، من كل عنصر وجنس ودين، غير عابىء بحدود جغرافية ولا فترات زمنية فأنا أصغي بواسطة الكتب للأموات القدامي كما أصغي للأحياء الذي تفصلني عنهم مسافات شاسعة " وليم جيمس لابنه

     نظرة التعجب !!                                                              

   حين يري الناس شخصاً مُمسكاً بكتاب ورقي أو جهاز ألكتروني ليس ليتصفح عليه مواقع الإجتماعي إنما ليقرأ كتاباً .. ينظرون إليه باستهجان واستغراب، ويطرح رأسهم سؤال مُعتاد يلفظه أكثرهم .. لماذا تقرأ ؟؟!

لست هنا لأُجيب عن السؤال الذي تعجب العقاد من طرحة فيقول : " يتساءل السائلين :لماذا نقرأ؟! ولماذا نتثقف؟! ولماذا نطَّلع علي الأشعار أو علي غير الأشعار؟! لماذا ؟! ...

 إن أحداً في الدنيا لا يترك الأكل والشرب وينتظر ريثما يقول له القائلون لماذا يأكل ؟ ولماذا يشرب؟ فهو يأكل ويشرب لأنه يحس في جسمه الجوع والعطش، لا لأن أحداً فسّر له عِلة الأكل والشُرب، ولو أن الذي يسأل لماذا نقرأ؟ ولماذا نتثقف؟، كانت له نفّس تجوع كما يجوع جسمه لاستغني عن سؤاله، وأقبل علي موائد الثقافة غير منتظر جواب ذلك السؤال، فمن كان يسأل الناس فـخير له وللناس ألا يُجاب، لأنه لا يستفيد ولا يستحق مئونة الجواب" 

   مئات الأفكار

   والإنسان ليس لديه إلا حياة واحدة وجسد واحد لا يمكنه أن يتواجد في مكانين وزمانين بوقت واحد، فالقراءة هي ما تجعل لك حيوات كثيرة ..

فأنت بفكرتك التي تحملها برأسك واحد ...

وشعورك الذي تحسه في وجدانك واحد ...

لكن إذا تلاقت بفكرتك فكرة أخري فليس الحقيقة أن الفكرة أصبحت فكرتين، إنما تُصبح الفكرة بهذا التلاقِ مئات الأفكار، لأنك بالقراءة في الكُتب تنتقل بين العقل وتري بساتين الأفكار، وتتزود بالخبرات والتجارب، وتعيش في الماضي بمرافقة السابقين الأولين، والحاضر الذي تحيا فيه، ليُشرق المستقبل .

    الجهل أصل الشرور

         والعقل بدون القراءة والمعرفة كالسفينه الراسية في الميناء، آمنه، ولا تخوض غمار البحار، بل أدهي وأمرَّ من ذلك، فالسفينة التي تصدأ وتُهلك يُعاد استخدام أخشابها في شىء آخر، أما العقل حين يصدأ يًصبح جهولاً، مُنشغلاً بالأوهام والظنون الكاذبة التي تُنبت سريعاً في رأسة كنباتات ضارة، وسرعان ماتتيبس، ما لها من قرار (أصول وجذور)، بل وتتراكم علي بعضها البعض لتكون مأوى الأفكار الخبيثة التي تُسمم الحياة وتُفسدها وتُدمرها ولذلك يقول ابن القيم : " الجهل شجرة تنبت فيها كل الشرور " .

   العقل ينمو بالقراءة 

     إننا اليوم نعيش في عصر التكنولوجيا والإتصال الذي خرجت من رحم الكهرباء، وصهرتهم في بوتقة واحدة فزادت من سرعة الزمان وقلصت من حدد المكان، مادامت الكهرباء أنتجت أشياء غيرت من وجه العالم، فلماذا لا نُمد عقولنا بكهرباء القراءة والكُتب التي ترتقي بقيمتنا وأفكارنا، فالعقول تحتاج إلي الكُتب كما تحتاج السيف إلي المِشحذ كي تُحافظ علي حِدتها .